صارت مراصد الثوار التي تأسست في العام الثالث للثورة السورية نقطة ارتكاز أساسية لكل معركة يخوضها الجيش الحر ضد النظام، أو المليشيات الطائفية التابعة له.
وأصبحت هذه المراصد، التي تعمل بمعدات بسيطة جدا، الوسيلة الإعلامية الأقوى في المنطقة التي يتواجد فيها المرصد، ماذا تقدم هذه المراصد؟ وما هو رأي المجتمع المدني وقادة الكتائب المسلحة بعملها؟ وأخيرا ما هي الجهة التي تتبنى العاملين فيها؟.
للإجابة عن هذه الأسئلة، وأسئلة أخرى، قامت "زمان الوصل"، بزيارة المرصد رقم (44) بمنطقة "الحولة" بريف حمص الشمالي الغربي، وخرجت بالتحقيق التالي:
*مجزرة "الحولة"
يقول عامر مؤسس المرصد (44) بالحولة: مراصد الثورة السورية منتشرة بكثرة بريف حمص الشمالي، وتعمل على رصد تحركات جيش النظام، وأماكن تمركز آلياته العسكرية، إضافة إلى رصد إقلاع طيران النظام الحربي من مطارات حمص وحماه، وتحديد اتجاهاته، وذلك بالتعاون مع مراصد الثوار بريف حماه الشمالي، ومن ثم نقوم بتبليغ الثوار والأهالي وتحذيرهم عبر أجهزة اللاسلكي.
وأشار عامر في حديثه لـ"زمان الوصل" إلى أن فكرة تأسيس المرصد (44) بدأت مباشرة بعد أن ارتكب النظام والميلشيات الطائفية التابعة له، مجزرة "الحولة" في (25-5-2012)، وذهب ضحيتها أكثر من 200 شهيد معظمهم من الأطفال.
وأكد أن النظام بدأ بعد المجزرة مباشرة، بقصف السكان المدنيين بالحولة بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة التي يمتلكها من مدفعية وطيران ودبابات.


وردا على سؤال "زمان الوصل" عن آلية عملهم، والتقنيات التي يستخدمونها في عملية الرصد، أضاف عامر قائلا: منطقة "الحولة" بريف حمص، محاطة من كافة الجهات بحوالي (30) قرية موالية للنظام، وفي كل قرية يتواجد حاجز لجيش النظام أو لشبيحته، إضافة لحاجز القيادة بمؤسسة المياه، والمسؤول الأول عن مجزرة "الحولة"، وعملنا هو متابعة تحركات قوات النظام في كافة هذه الحواجز بمعدات بسيطة جدا، والتنصت لاسلكيا على القائمين على هذه الحواجز، وخاصة الأوامر العسكرية الصادرة من حاجز المؤسسة إلى حواجز "قرمص، مريمين، والحميرة"، والتي تعد أخطر حواجز النظام بمنطقة "الحولة" بعد حاجز المؤسسة، حيث تقصف الحواجز المذكورة المدنيين بمدافع الفوزديكا بعيدة المدى، وبالدبابات وراجمات الصواريخ.
*يغطي 50 كم مربعا
وقال أحد العاملين بالمرصد (44) وكنيته أبو جعفر لـ"زمان الوصل" إن المرصد الذي يعمل فيه، تغطي تردداته سهل الحولة بأكمله، والذي تقّدر مساحته الجغرافية بحوالي (50) كيلو مترا مربعا، وباستطاعة جميع كتائب الثوار ضمن الرقعة الجغرافية المذكورة، سماع تعميمات المرصد وإرشاداته، بعد توزيع التردد الخاص بالمرصد بشكل سري إلى قادة الكتائب والناشطين الموثوقين، للاستفادة منها وتجنّب خسائر القصف اليومي لقوات النظام، قدر الإمكان بين المدنيين، منوها إلى أنه بالرغم من أن معدات المرصد بدائية وبسيطة جدا، فإنهم يقدمون خدمات كبيرة للمقيمين بمنطقتهم، سواء مدنيين أو عسكريين، حيث يراقبون على مدار الساعة تحركات دبابات النظام ومدفعيته، وتنبيه الجيش الحر والسكان، كي يتعاملوا مع الموقف، وأخذ الحيطة والحذر قدر ما أمكن، وبعد عملية القصف نقوم بمسح أماكن سقوط القذائف، وتوجيه الدفاع المدني إلى مكان سقوط القذائف بالبلدة لإسعاف المصابين أن وجدت.
*محفوف بالمخاطر
ويقول أبو علاء -أحد العاملين بمراصد الثوار بريف حمص- إن عمل الراصد محفوف بالمخاوف، فهو مهدد بالقصف من قبل طيران النظام وحواجزه بشكل دائم، حيث رصدنا عدة أوامر تفيد بقصف المرصد، ونجونا من القصف أكثر من مرة.
وردا على سؤال "زمان الوصل"، عن الجهة التي يتبعون لها، وهل من دعم مادي يتلقونه؟ قال أبو علاء: "للأسف الشديد وضعنا لا نحسد عليه، ولا نتلقى أي دعم مادي، لا من الائتلاف ولا من الحكومة المؤقتة.
وأضاف: "عملنا تطوّعي لخدمة أهلنا بالمنطقة، والدليل على صحة كلامنا هي الوسائل التقنية البسيطة التي نعمل بها".

*نجم إعلامي
أبو عمرو من سكان ريف حمص الشمالي قال: لا يقتصر دور الراصد على مراقبة تحركات حواجز النظام، وميلشيات "الدفاع الوطني" التابعة له، بل يتعداه لكونه أقوى وسيلة إعلامية للأهالي والكتائب في منطقتهم الجغرافية، فيعمل المرصد على بث أخبار جبهته في عموم سوريا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، أو الفضائيات، بهدف رفع معنويات السكان والمقاتلين.
وطبقا لوجة نظر أبو عمرو، فإن الأهالي يرون بالراصد نجما إعلاميا، يتابعون أخباره باستمرار لأنها تخفف من آثار القصف الهمجي لحواجز النظام، فمجرد تعميمه لخبر القصف، أو أن دبابات النظام تحركت من مخابئها بهدف القصف، يهرع الأهالي إلى مخابئهم التي أسسوها ضمن حيهم أو منزلهم، فيجدون فيه المقاتل الأهم في معركتهم المصيرية مع النظام.
ويقول أبو أسامة، أب لعائلة نازحة من حمص، إنه وغيره من العائلات النازحة باتجاه الريف الشمالي لحمص، استفادوا كثيرا من مراصد الثوار، التي خففت كثيرا من القصف المفاجئ لطيران النظام، فمجرد إقلاع الطائرة من مطار حماه العسكري، أو غيره تبدأ المراصد بالتحذير من المروحيات أو طيران "الميغ".
وطالب أبو أسامة من تنسيقيات الثورة بريف حمص الشمالي، توزيع قبضات لاسلكية مرتبطة بالمراصد على التجمعات السكانية للاستفادة من عمل المرصد بشكل أكبر.




ماهر رضوان - ريف حمص - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية